المغرب العربي

تونس.. توتر سياسي متصاعد بين الحكومة والمعارضة 


تشهد تونس توترا سياسا متصاعدا بين القوى السياسية الكبرى التي ترك أحداث المشهد السياسي بالبلد. حيث تظهر التطورات الأخيرة في الأحداث، في شكل معركة لي الأذرع بين الاتحاد العام التونسي للشغل وجبهة الخلاص الوطني التي تشكل واجهة سياسية لحركة النهضة الإسلامية من جهة وحكومة الرئيس قيس سعيد من جهة ثانية.

وجاء قرار السلطات التونسية بعدم الترخيص لمظاهرة تعتزم الجبهة تنظيمها وكذلك بمنع قدوم وفد من الاتحاد الدولي للنقابات للمشاركة في مظاهرة ينظمها اتحاد الشغل يوم السبت، حيث بدأ يحشد لها في حملة تعبئة انطلقت اليوم الخميس من خلال إضراب لعمال وموظفي شركة السكك الحديد.

مرحلة جديدة من التصعيد

تطورات أدخلت تونس في مرحلة جديدة من التصعيد، تزامنا مع توتر لا يهدأ بين جبهة الخلاص واتحاد الشغل والرئيس قيس سعيد، بينما توحي التحركات الاحتجاجية بمسار واحد رغم عدم انخراط اتحاد نورالدين الطبوبي بشكل رسمي وعلني في حراك جبهة أحمد نجيب الشابي المدفوعة من حركة النهضة الإسلامية.

الشهر الماضي، كانت الرئاسة التونسية قد اعتبرت الأمينة العامة لاتحاد النقابات الأوروبية إيستر لانش، شخصية غير مرغوب فيها وأمرت بطردها بعد مشاركتها في مظاهرات نظمها الاتحاد العام التونسي للشغل وأدلت بتصريحات أُعتبرت تدخلا في الشؤون الداخلية، ليأتي بعدها قرار منع قدوم وفد من الاتحاد الدولي للنقابات.

 منع نقابيين

كان قد تم منع الرفيق ماركو بيريز مولينا مسؤول التعاون مع أفريقيا وآسيا بالنقابات الإسبانية من دخول التراب التونسي عند وصوله إلى مطار تونس قرطاج ليقع ترحيله فورا، حسب موقع “الشعب نيوز” التابع لاتحاد الشغل.

 فيما أكدت المنظمة العمالية أن منع النقابيين من القدوم لتونس “هو استهداف للاتحاد والعمل النقابي المستقل.. ويعمق من عزلة تونس”

جبهة الخلاص

وفي هذا الصدد قالت جبهة الخلاص الوطني، أنها ستنظم احتجاجا يوم الأحد متحدية رفض السلطات السماح لها بتنظيمه.

ومن جانبه، قال محافظ (والي) تونس في بيان إنه يرفض التصريح بإقامة احتجاج الجبهة بسبب شبهات ضد بعض قيادييها.

وقد شملت حملة الاعتقالات الأخيرة قيادات بالجبهة من بينهم معارضين بارزين للرئيس سعيد بتهم تقول المعارضة إن لها دوافع سياسية.

إضرابات محطات القطار

وكانت محطات القطار قد شهدت إضرابات، وعبر العديد من التونسيين عن خطهم إزاء هذا الإضراب الذي عطل مصالحهم، محملين النقابة مسؤولية الفوضى التي شهدتها محطات القطارات.

وقال الكاتب العام للنقابة الخصوصية للسكك الحديدية نجيب الجلاصي، بخصوص الإضرابات “إن النقابة كانت قد أصدرت برقية التنبيه بالإضراب منذ 27 فيفري وحدّدت أولى جلسات التفاوض يوم 23 من نفس الشهر دون أن تعقد بسبب تغيّب كل من الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للسكك الحديدية وممثل عن رئاسة الحكومة، محملا الطرف الإداري مسؤولية الدفع بالنقابة إلى اتخاذ هذه الخطوة”.

كما فسر المسؤول النقابي الالتجاء إلى الإضراب بعدد من النقاط العالقة من بينها التراجع عن تطبيق الزيادة في الأجور على خلفية أن الاتحاد يعتبر أن طريقة احتسابها غير مطابقة لما وقع الاتفاق بشأنه، بالإضافة إلى المطالبة بتنقيح النظام الأساسي الذي لم يقع تعديله منذ 23 سنة وتمتيع الأعوان الذين قضوا 25 سنة من الترقية الآلية.

تحريك الشارع

خلال الأيام الأخيرة كثف اتحاد الشغل جهوده لإنجاح التجمع العمالي، إذ أطلق حملة واسعة تدعو كافة منظوريه إلى الحضور بكثافة، كما تعددت دعوات النقابات بمختلف القطاعات التي تحث النقابيين وكافة الأعوان والمسؤولين إلى أن يكونوا في الموعد في نهاية الأسبوع الأول من الشهر الجاري ببطحاء محمد علي بالعاصمة.

ويسعى اتحاد الشغل من خلال هذه الجهود إلى إظهار أن بمقدوره تحريك الشارع لإجبار السلطة على الاستجابة لمطالبه، تنفيدا لتهديدات أطلقها أمينه العام نورالدين الطبوبي مؤخرا مؤكدا من خلالها أن المنظمة لن تبقى مكتوفة الأيدي إزاء الأزمة التي تعيشها البلاد.

لافتا إلى أن التاريخ أثبت أن تونس لا تحكم بكلمة واحدة في رسالة موجهة إلى الرئيس قيس سعيد الذي يتجاهل المبادرة التي يستعد الاتحاد لعرضها على السلطة السياسية القائمة ويرفض كافة محاولاته للاعتراف به شريكا سياسيا مثلما كان الحال خلال العشرية الماضية.

تصعيد المنظمة العمالية للأحداث

عقب إيقاف عدد من النقابيين وإحالة 16 مسؤولا نقابيا على التحقيق على خلفية إضرابات شملت قطاعات حيوية وبرمجة أخرى في إطار مساعي الاتحاد الكلاسيكية القائمة على الالتجاء إلى هذه الورقة في معاركه مع السلطة، أطلقت المنظمة العمالية مؤخرا سلسلة من التحركات الاحتجاجية بذريعة الدفاع عن المقدرة الشرائية والحق النقابي.

ويحمل التصعيد من طرف المنظمة العمالية مؤشرات على حالة الارتباك التي تعصف بالاتحاد، خاصة بعد اتساع حملة الإيقافات التي شملت طيفا واسعا من الشخصيات والسياسيين، مع تمسك سعيد بضرورة محاسبة كل الأطراف المتورطة في استغلال الأوضاع الاجتماعية لضرب استقرار الدولة.

وفي هذا السياق، لمح الرئيس التونسي خلال في مناسبات عديدة إلى تورط اتحاد الشغل في افتعال الأزمات، مبديا استعداده لقطع الطريق أمام محاولات ابتزاز الدولة، خاصة في هذا الظرف الذي تعيشه البلاد.

وقبل أسبوع، كانت الاتحادات الجهوية بعديد المحافظات (الولايات) قد نفذت تجمعات عمالية ومسيرات في اختبار أولي تمهيدا لتجمع السبت 4 مارس بالعاصمة. 

ومن جانبه، عزا الناطق الرسمي باسم اتحاد الشغل سامي الطاهري هذه الاحتجاجات إلى الغضب من تردي الأوضاع الاجتماعية ودفاعا عن المنظمة التي تتعرض لهجمة طالت عددا من النقابيين وأدت إلى عزل بعضهم.

بينما تتهم المعارضة الرئيس التونسي بالاستحواذ على معظم السلطات عبر حل البرلمان والتحرك للحكم بالمراسيم، يؤكد سعيد أن تصرفاته قانونية وأنه بحاجة إلى إنقاذ تونس من الفوضى ووعد بدعم الحقوق والحريات. وكانت أغلب الاحتجاجات منذ توليه مقاليد السلطة نظمت بعد الحصول على ترخيص. 

 “حملة التشويه والتحريض”

فيما استنكرت 28 منظمة تونسية ما وصفتها بـ “حملة التشويه والتحريض” التي تستهدف المنظمات الوطنية والنقابية في البلاد وفق بيان مشترك صادر عن منظمات من بينها اتحاد الشغل ونقابة الصحفيين والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات واتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.

ووفق تعبيرها، طالبت المنظمات الموقعة على البيان النيابة العمومية بتحمّل مسؤوليتها التاريخية في حماية الحقوق والحريات وكرامة الإنسان والسلامة الجسدية للأشخاص والهياكل التي تتعرض لهجمات وتحريض قد يؤدي إلى العنف في أي لحظة.

وكانت قد رفضت الخطاب التحريضي والعنصري وأدانته بشدة، خاصة عد أن منحته التطورات الأخيرة غطاءً من السلطة.

السياق السياسي العام 

ولفتت المنظمات إلى أن “السياق السياسي العام الدقيق والمتأزم الذي تعيشه تونس وتدهور القدرة الشرائية وارتفاع وتيرة المحاكمات التي طالت نقابيين وصحفيين ونشطاء مدنيين وسياسيين يستوجب من جميع القوى الحية في البلاد مزيدا من اليقظة للدفاع عن الحقوق والحريات”.

وشددت المنظمات على أن تعمل الجهات المعنية لحماية “حرية الصحافة والتعبير والحق النقابي وحرية الاحتجاج السلمي والحق في المحاكمة العادلة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى