سياسة

هلال رمضان بعدسة سلطان النيادي


آثر رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي أن يشارك العرب والمسلمين في مختلف أنحاء العالم، احتفالهم بحلول شهر رمضان الكريم بطريقة خاصة.

وبث النيادي الذي يعد أول رائد فضاء عربي يقضي شهر رمضان كاملا في الفضاء لقطات مصورة وثق فيها هلال رمضان من محطات الفضاء الدولية.

لقطات مذهلة

وخلال مقطع الفيديو ذاته الذي بثه عبر حسابه في موقع “تويتر” مساء أول أيام رمضان، عرض لقطات مذهلة لظهور الشفق خلال غروب الشمس من الفضاء، أتبعها بتوثيقه لهلال شهر رمضان، وهنأ العرب والمسلمين بحلول الشهر الفضيل، قائلا: “هذا هلال رمضان الله يعوده علينا وعليك باليمن و والخير البركة”.

وأرفق مقطع الفيديو بتهنئة خاصة قال فيها: “مبارك عليكم الشهر أسأل الله ان يهل علينا شهر رمضان بالخير والبركة على الجميع.. أهديكم هذه المشاهد الليلية الجميلة من محطة الفضاء الدولية”.

وكان النيادي قد وصل في الثالث من مارس الجاري رفقة فريق مهمة crew-6 إلى محطة الفضاء الدولية على متن المركبة “سبيس إكس دراغون إنديفور”، لخوض أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب تمتد لستة أشهر.

ومنذ وصوله، نجح النيادي، عبر مشاركته جزءا من يومياته في الفضاء، من خلال حسابه في موقع “تويتر”، في استقطاب اهتمام ملايين العرب حول العالم للاهتمام بهذا القطاع المهم.

وبطريقة سلسة وبسيطة، عبر إلقاء ألغاز من الفضاء تارة أو التجول في محطة الفضاء الدولية وعرض مكوناتها أو ممارسة الرياضة بها أو النظر من نوافذها للأرض تارة أخرى أو الحديث عن التجارب العلمية التي يجريها وأهميتها، نجح النيادي في تقديم دروس تثقيفية حول الفضاء بطريقة مبسطة وجذابة.

يوميات النيادي في الفضاء أضحت مصدر إلهام، وخطوة مهمة لتحفيز وتشجيع العرب على تحقيق نقلة نوعية في اهتماماتهم وإطلاق العنان لطموحاتهم للتفوق في مجالات ظلت لعقود حكرا على الدول المتقدمة.

الصيام في الفضاء

وسبق أن صام الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الذي يعد أول رائد فضاء عربي ومسلم، والذي يشغل حاليا منصب المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، آخر يوم في شهر رمضان بالفضاء خلال رحلته التي بدأت 29 رمضان عام 1985، ليكون أول عربي ومسلم يصوم في الفضاء، فيما أصبح النيادي أول رائد فضاء عربي يقضي شهر رمضان “كاملا” في الفضاء.

ويعد الصيام في الفضاء تحديا كبيرا، لأكثر من سبب، لعل أبرزها أن رواد الفضاء سيشاهدون في اليوم الاعتيادي للأرض المقدر بـ”24″ ساعة 16 مرة شروقا للشمس و 16 مرة غروبا، وهو ما يفرض تحديا حول توقيت صيام وصلاة رائد الفضاء.

الإجابة على هذا التساؤل، تضمنها إصدار لدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، أصدرته بالتزامن مع انطلاق رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري في أول مهمة إلى محطة الفضاء الدولية سبتمبر/ أيلول عام 2019، وذلك بناء على توجيهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في استشراف المستقبل.

وأصدرت دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي إصداراً يعد الأول من نوعه في هذا التخصص بعنوان “تقدير مواقيت الصلاة والصيام لرواد محطة الفضاء الدولية”.

وجاء هذا الكتاب ليسلط الضوء على أثر من آثار الثورة الصناعية الرابعة وما يتعلق بها من أحكام شرعية كمواقيت الصلاة والصيام لرواد محطة الفضاء الدولي والتي تدور في مدار حول كوكب الأرض بارتفاعات ثابتة شاهقة تقدر بـ 400 كلم وبسرعات عالية تصل إلى 28 ألف كلم في الساعة.

وأكد الإصدار أن “الصلاة والصيام لا يسقطان عن ذمة رواد الفضاء مطلقاً، وتقدر أوقات الصلاة والصيام حسب مواقيت الأرض باعتماد مواقيت الصلاة والصيام لرواد محطة الفضاء حسب دخولهما في منطقة (أم القرى) مكة المكرمة، لاعتبارها مهبط الوحي ومنبع التكليف، ولا عبرة بمواقيت بلد الإقلاع أو بلد إقامة الرائد؛ لانفصال رائد الفضاء عن تلك الجهات البتة”.

ويكون التقدير للصلاة عــلى متن محطة الفضاء الدولية، عن كل يوم خمس صلوات فقط، والمكون من: (24) ساعة، من ساعات الأرض.

ويكون التقدير للصيام عن: (29 أو 30) يوما حسب ثبوت الرؤية في مكة المكرمة، ولا عبرة بعدد مرات الشروق والغروب الذي يراه رائد الفضاء بسبب اختلال العلامات.

وعن تحديد القبلة على رائد الفضاء أن يتحرى جهة القبلة وقت مرور المحطة أمام الكعبة المشرفة، أو بلاد الجزيرة العربية على أقل تقدير، وإن خشي خروج الوقت؛ فليسـتقبل جهة الأرض عموما بوجهه ويصلي، وإن لم يتيسر له من ذلك شيء، صَلى حيث توجه.

وفيما يتعلق بالأخذ برخص السفر عند استقرار رائد الفضاء في محطة الفضاء الدولية: قال الكتاب “بــما أن محطة الفضــاء الدولية مستمرة في دورانها حول الأرض، فهذا يعني أن حكم السفر مستمر لركابها، ولهم حينئذ الأخــذ برخص السـفر، من قصر الصلاة وجمعهــا، والفطر في شهر رمضان. ولما كانت المشقة ظاهــرة لرائد الفضــاء في أداء الصلاة، وبخاصة في ضبط اتجاه القبلة على سمت مكة المكرمة، كان من الأيسر له الجمع لاتســاع مدة تحين مرور المركبة على جهة القبلة أو الأرض”.

وبالنسة للصيام: فمما لا شــك فيه أن محطة الفضاء الدولية لها اتصال بالأرض، فعلى رائد الفضاء المسلم أن يتأكد من ثبوت رؤية الهلال في مكة المكرمة، لينوي صيام شهر رمضان، ثم إن أحب الصوم – وهو الأفضل  فليمسك ويفطر-حسب إمساك وإفطار تقويم أم القرى (مواقيت مكة المكرمة)، وإن أخــذ برخصة الفطر فليقض ِبعد رجوعه.
هل سيصوم النيادي؟

وقال النيادي في تصريحات سابقة: “في حالتي يمكن تصنيفي كمسافر، ويحق للمسافر أن يقطع صومه”، وأضاف: “الصوم ليس إلزامياً إذا شعر المرء على سبيل المثال بأن صحته ليست على ما يرام”.

وتابع النيادي قائلا: “من هنا يُسمح لنا بتناول كمية كافية من الطعام تفادياً لأي شيء قد يقوّض المهمة أو يهدد أفراد الطواقم”.

وأكد النيادي أنّ صيام شهر رمضان خلال مهمته في الفضاء سيشكل تحديا من نوع آخر، إلا أنه أكد نيته للصيام، قائلا: “حاليا إن شاء الله سنستعد للشهر الفضيل بنية الصيام”.

إنجاز تاريخي

وكان النيادي قد وصل في الثالث من مارس الجاري رفقة فريق مهمة crew-6 إلى محطة الفضاء الدولية على متن المركبة “سبيس إكس دراغون إنديفور”، لخوض أطول مهمة في تاريخ العرب تمتد لـ6 أشهر.

وتعد المهمة، التي أطلقها مركز محمد بن راشد للفضاء ضمن برنامج الإمارات لرواد الفضاء، إلى محطة الفضاء الدولية هي أول مهمة طويلة الأمد لرواد الفضاء العرب في التاريخ.
وعقب وصوله أجرى فريق المهمة العديد من الأبحاث والتجارب العلمية التي تشارك فيها دولة الإمارات مع جميع وكالات ومراكز أبحاث الفضاء العالمية، ومنها ما يحمل بصمة إماراتية، لاسيما في مجال دراسة تأثير انعدام الجاذبية على جسم الإنسان والعمل على تلافي مخاطرها في المستقبل.

وخلال 4000 ساعة على متن محطة الفضاء الدولية سيجري سلطان النيادي أكثر من 19 تجربة بحثية، ودراسات متقدمة، بالتعاون مع وكالة ناسا، ووكالة الفضاء الأوروبية، ووكالة الفضاء الكندية، والمركز الوطني لدراسات الفضاء بفرنسا، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية “جاكسا”، تشمل مجموعة من المجالات، أبرزها نظام القلب والأوعية الدموية، وآلام الظهر، واختبار وتجربة التقنيات، وعلم “ما فوق الجينات”، وجهاز المناعة، وعلوم السوائل، والنبات، والمواد، إضافة إلى دراسة النوم، والإشعاعات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى